تشهد الولايات المتحدة هذه الأيام العاصفة الشتوية واحدة من أقوى العواصف منذ أكثر من عشر سنوات، حيث تجتاحها موجات برد قاسية ناتجة عن الدوامة القطبية.
لا يقتصر تأثير هذه الظاهرة على الأراضي الأمريكية فقط، بل يمتد ليشمل أجزاء من أوروبا وآسيا التي تعاني من انخفاض شديد في درجات الحرارة.
درجات حرارة قياسية تبلغ 51 درجة مئوية تحت الصفر
هذا الأسبوع، تعرضت مناطق واسعة من الولايات المتحدة لعاصفة شتوية غير مسبوقة، حيث سجلت درجات حرارة قياسية تصل إلى 51 درجة مئوية تحت الصفر في بعض مناطق داكوتا الشمالية، و46 درجة مئوية تحت الصفر في أجزاء من مونتانا.
وفقاً لوكالة أسوشيتد برس، تكمن الخطورة في مدى انخفاض درجات الحرارة عندما تتوسع الدوامة القطبية، مما يؤدي إلى تدفق هواء القطب الشمالي إلى مناطق لا تشهد عادةً برودة شديدة.
تأثيرات دولية
في تركيا، تسببت موجة البرد في انخفاض درجات الحرارة بنحو 10 درجات مئوية، مع تساقط كثيف للثلوج في مناطق متعددة.
تشير التوقعات إلى استمرار هذه الظروف الجوية الباردة والممطرة على مدار الأسبوع، مما يؤثر على الحياة اليومية للمواطنين.
آلية الدوامة القطبية
تتشكل الدوامة القطبية على ارتفاعات تتراوح بين 16 و48 كيلومتراً فوق القطب الشمالي، محاطة بهواء شديد البرودة.
كلما زادت قوة الرياح، زاد عزل الهواء البارد داخلها عن المناطق الأكثر دفئاً. وعندما تكون الدوامة مستقرة، يتحول التيار النفاث القطبي شمالاً، مما يساعد في الاحتفاظ بأبرد هواء داخل القطب الشمالي.
ومع ذلك، إذا ضعفت قوة التيار النفاث، قد تتعرض الدوامة لتشوهات، مما يسمح للهواء البارد بالاندفاع نحو المناطق الجنوبية.
التغيرات المناخية وأثرها
تشير الدراسات إلى أن ارتفاع درجة حرارة القطب الشمالي بشكل أسرع من بقية الكوكب قد يؤدي إلى مزيد من الاضطرابات في الدوامة القطبية.
ومع ذلك، يؤكد العلماء على ضرورة القيام بمزيد من الأبحاث لفهم التغيرات الأخيرة في سلوك الأنظمة الجوية.
توضح إيمي بتلر، عالمة الغلاف الجوي في الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، أن بعض النماذج تشير إلى أن ذوبان الجليد البحري قد يكون له تأثير طفيف على الدوامة، بينما يمكن لارتفاع درجات الحرارة في الطبقات العليا من الغلاف الجوي أن يعزز من قوة هذه الظاهرة.
ومع ذلك، يبقى السؤال: كيف سيؤثر تغير المناخ على الدوامة القطبية؟
بينما تستمر العواصف الشتوية القاسية في اجتياح الولايات المتحدة وتؤثر على دول أخرى، تظل الدوامة القطبية محط اهتمام العلماء والباحثين لفهم تأثيراتها المحتملة على المناخ العالمي. إن التغيرات المناخية تفتح أمامنا أفقًا جديدًا من التحديات والفرص لفهم البيئة التي نعيش فيها.